تربية طفلكعائلتك

هل ضرب الأطفال يحد من ذكائهم؟

ضرب الأطفال عملية غير تربوية، لأنها تزيد من هياج الطفل وعدوانيته، وترسخ في نفسه معنى الإنزواء وكره المجتمع والبعد عن الآخرين، وهي تلجم تفكير الطفل وتحرمه من الخيال، وتكبل موهبته وإبداعه وتمنعه من مجرد التعبير عن أفكاره خوفاً من العقاب الذي سيحل به. وسنتعرف اليوم علي كيف يمكن للضرب أن يؤثر علي ذكاء طفلك بالسلب كما سنمدك ببعض الأساليب التي يمكنك إتباعها لتفادي ضرب طفلك.

هل الضرب يحد من ذكاء الأطفال بالفعل؟

في دراسة استغرقت أربعة أعوام أجريت على أطفال تتراوح أعمارهم بين العام الواحد والأربعة أعوام وجد الباحثون أن الأطفال الذين يضربهم أحد والديهم ثلاث مرات أسبوعياً على الأقل تنخفض نسبة ذكائهم درجتين بينما ترتفع نسبة ذكاء الأطفال الذين لا يعاقبون بالضرب ثلاث درجات.

 واستنتج الباحثون إلى أن سبب الفارق في نسب الذكاء يرجع إلى أن الأطفال الذين يعاقبون بالضرب تقل فرصهم في بناء قدرتهم على التفكير المنطقي والتخطيط وحل المشاكل وإتقان مهارات اللغة والأهم من ذلك هو أن أسلوب الضرب لا يفلح أبدا في تهذيب الطفل، فالأطفال الذين يعيشون مع والدين لا يضربان يتعلمون وسائل للسيطرة على غضبهم لا تعتمد على الخوف من الضرب أو تأتي کاستجابة فقط للضرب.

فبالرغم من أن الضرب يمكن أن يوقف في الحال السلوك غير المرغوب به لدى الطفل لكن فعاليته تنخفض تدريجيا مع الاستعمال المتكرر له. وفكرة أن الضرب هی وسيلة فعالة في تعليم الأطفال كيفية التصرف بشكل سليم هی مغروسة ومتأصلة في الكثير من الحضارات. فمعظم الآباء والأمهات ممن يؤيدون هذا الأسلوب لا يعتبرونه مجرد إجراء تأديبي لكنهم يرونه كطريقة لتدعيم وتعزيز القوانين والقيم في المنزل.

ماذا يتعلم الأطفال من الضرب؟

  ما يتعلمه الطفل من الضرب هو أمران:

الأمر الأول: هو أن الكبار يتمتعون بسلطة وقوة أكبر.

الأمر الثاني: عدم اعتراف الطفل بخطئه وبذل جهد أكبر للتملص منه وعدم التمكن من السيطرة على أعصابه.

وغالباً ما يكون سبب الضرب هو غضب الوالدين من تصرفات الأطفال وفيما يلي سنذكر بعض الأساليب التي قد تساعدك لضبط أعصابك لكي لا يكون ضرب الأطفال هو النتيجة.

بعض من الأساليب التي قد تساعدك على المحافظة على هدوء أعصابك حينما تفلت زمام الأمور من بين يديك:

اتركي المكان

اخرجي من المكان حينما يشتد غضبك وتفقدي سيطرتك على أعصابك واختلي بنفسك أو أدخلي غرفتك مع مراعاة ترك طفلك في مكان مأمون، وأعلمي أطفالك بأنك غاضبة كأن تقولي: أنا غاضبة جدا الآن ولا أريد أن أتناقش قبل أن تهدأ أعصابي.

الزمي الهدوء

الشخص الغاضب المنزعج لا يستطيع أن يناقش أو يجادل بشكل منطقي ولذلك أصمتي لفترة. فالانتظار إلى أن تهدأي أولا سيجعلك تستجيبين. كما أن الأطفال حينما يعتادون الصراخ من الأم يصير الكلام بلا جدوي حينها كما أنه قد يتعمد الأطفال لاحقاً إساءة التصرف لمجرد استثارة رد فعل لديكِ.

وعند إساءة التصرف من قبل الأطفال يمكنك أن تسألي نفسك: ما مدى أهمية ما فعله الطفل؟ وهل سيهمك ما فعله بعد أسبوع من الآن؟!، وأثناء تساؤلاتك تلك ستجدي أن أعصابك قد هدأت قليلاً وبدأتي في التفكير المنطقي الذي يعالج الأمر.

ويرجح الخبراء إتباع وسائل لها تأثير طويل الأمد لتعويد الطفل على الأدب والنظام كالوسائل التالية:

اترك انطباعا قويا في ذهن الطفل:

فإذا ما أرتكب الطفل تصرف أحمق کالاندفاع في الشارع مثلا فإن لك بدلا من ضربه بإمكانك أن تمسكه بقوة من كتفيه وتقول له بنبرة صارمة تبين له مدى غضبك وخوفك مما فعل: حذاری أن تفعل ذلك مرة أخرى فإن ذلك قد يعرضك للخطر.

ومثلاً الطفل الذي يعبث بعود الكبريت يمكنك  حكاية قصة له عن كيف أن الكبريت كان السبب في حريق دمر منزلا وقتل فيه ضحايا لتحذيره من خطر العبث بالكبريت.

تحدثي بنبرة صارمة

نبرة الصوت التي تظهر نوعا من السلطة أو القوة هي أكثر وسائل التأديب كفاءة.

كذلك عودي الطفل على أنك لا تتراجعين عن موقفك فإذا حددتي عقاباً معين لا بد لك أن تنفذيه (مع مراعاة مناسبة العقاب للفعل) وكذلك أيضاً تنفيذ وعودك عامة معه يجعله يثق في كلامك ويأخذه علي محمل الثقة.

أزيلي المغريات التي تدفع طفلك للسلوك الخاطئ

ضعي في اعتبارك الآتي:

  • فمثلا ارفعي الأشياء التي لا تريدين أن يلمسها طفلك من متناول يده (كالفازات الثمينة).
  • وضعي في اعتبارك أن الأطفال صغيري السن قد يضعون أي شيء يقابلهم في الفم فتجنبي وجود أشياء صغيرة علي الأرض.
  • استعملي أيضاً أقفال للدواليب وقومي بغطاء فتحات الكهرباء

وبمعنى آخر أجعلي منزلك مكانا آمنا للأطفال وستجدين أن حياتك أصبحت أكثر يسراً بوجودهم.

توقعي أن تكرري كلامك كثيرا

توقعي أن تضطري لترديد ما تتوقعين أن يمتثل به أطفالك. فتعويد الطفل على النظام هو شيء لا يحتاج لصبر ووقت طويلين.

اجعلي طفلك عرضة للمحاسبة

 فمثلا إذا أرتكب طفلك سلوكا خاطئا كأن يقول كلمة بذيئة أمام الضيوف لا تدفع الضربه كنوع من الاعتذار للضيوف ولكن من الممكن أن تأخذيه إلي ركن في المنزل وتتكلمي معه بدون صراخ وبنبرة هادئة وصارمة وتخبريه بخطأ ما فعله. وبعدها تطلبين منه الاعتذار عما بدر منه وبذلك سيشعر الطفل بالمسئولية تجاه أفعاله وسيدرك تأثير أفعاله على مشاعر الآخرين ويفهم أن السلوك الوقح يكون له عواقب.

وأخيرا تذكري أن الضرب والصفح والقرص لا يعلم الطفل البحث عن حلول غير عنيفة لمشاكله.

وما يؤثر حقا في تحسين سلوك الطفل وجعله أكثر إحساسا بالمسؤولية وأكثر مراعاة لمشاعر الآخرين هو الرابطة القوية التي تتكون من الطفل ووالديه الذين هم القدوة والمعلم بالنسبة له.

وهذه الرابطة ينبغي أن يكون قوامها الحب والثقة والاحترام المتبادل وليس الغضب والخوف والألم.

كما يمكنك الاطلاع على المقالات التالية:

أساليب التربية بالحب

أساليب تربوية تساعدك في تربية طفلك

أسباب العناد عند طفلك

المراجع:

Corporal punishment may have long-term negative effects on children’s intelligence

إسماعيل عبدالكافي، موسوعة نمو وتربية الطفل

اظهر المزيد

اكتب تعليق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى