أنتِبعد الحمل

اكتئاب ما بعد الولادة: الأعراض والأسباب والعلاج

لقد ولدتِ للتو طفلاً جميلاً، وأخيراً صار طفلك بين يديك. وأنتِ الآن يُفترض أن تكوني في أسعد لحظات عمرك مع بداية أيام الأمومة. لكن للأسف فوجئتي بأن هناك لص يحاول سرقة فرحتك الجميلة. إنه يا عزيزتي اكتئاب ما بعد الولادة. فقد كنت تتوقعين أن تشعري بقدرٍ لا يوصف من السعادة في هذه الفترة. لكن بدلاً من ذلك، تساورك مشاعر الخوف والحزن والارتباك والشك في قدرتك على أداء مهام الأمومة.

وقد يكون ذلك أمرًا طبيعيًا تمامًا في الأشهر القليلة الأولى؛ فقد أصبح لديك عضوٌ جديد في العائلة، فقلت ساعات نومك و صارت لديك الكثير من المهام التي يتوجب عليك القيام بها. لكن إذا زادت مشاعر القلق وأصبحت تؤثر على حياتك. فقد يكون لديك اكتئاب ما بعد الولادة، أو PPD. وهذه الحالة ليست علامةً على الضعف، بل يمكن اعتبارها إحدى مضاعفات الولادة. تابعي معنا القراءة لنتعرف على تلك الحالة، وبعض مؤشرات حدوثها وأعراضها، وكيفية تجاوزها.

ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟

اكتئاب ما بعد الولادة هو ظاهرة طبيعية وتتعرّض لها كل أم بعد الولادة مباشرة. وقد تختلف الأعراض والتفاصيل من امرأة لأخرى. ويظهر هذا النوع من الاكتئاب على شكلين: الأول بعد الولادة مباشرة، وهذا النوع تزداد حدته مع الوقت، لكنه يختفي سريعاً، والثاني عقب الولادة بأسبوع أو عدة أسابيع ويتطوّر ببطء شديد ويستمر لمدة أطول. لكن يجب أن تكتشفي الأعراض بنفسك.

كم تستمر حالة اكتئاب ما بعد الولادة؟

تؤثر حالتك الخاصة وخطة العلاج على مدى سرعة انتهاء حالة الاكتئاب. وقد تصل الأعراض إلى ذروتها بعد بضعة أسابيع بالنسبة لبعض النساء. وقد تستمر لبعد ذلك لمدة 3 إلى 12 شهرًا. وتساعد اكتشاف الأعراض سريعًا في الحصول على العلاج والتعامل مع الأعراض بشكلٍ أفضل، والخروج من هذه الحالة في وقت أقل.

أسباب اكتئاب ما بعد الولادة وعوامل زيادة الخطورة

إن مسببات اكتئاب ما بعد الولادة غير معروفة تمامًا، لكنه في الغالب يأتي بسبب مجموعةٍ من العوامل الجسدية والعاطفية، والتي قد تشمل:

التغيرات الهرمونية: حيث يسهم الانخفاض الحاد في هرموني الاستروجين والبروجسترون، عقب ولادة طفلك في وجود حالة الاكتئاب. بالإضافة إلى انخفاض مستويات الهرمونات الأخرى التي تنتجها الغدة الدرقية، مما يسبب لك الشعور بالتعب والخمول والاكتئاب.

الحرمان من النوم. حيث يحتاج التعافي من الولادة ورعاية المولود الجديد إلى جهد كبير جدا من الأم الجديدة. مما يؤثر على قدرتها في الحصول على الراحة التي تحتاجها. ويتراكم الإرهاق مما قد يتسبب في النهاية للإصابة بالاكتئاب.

أعراض اكتئاب ما بعد الولادة

 الإحساس بالكره

الاكتئاب كلمة مزعجة للكثير من الناس، وبعد الولادة تكون أكثر إزعاجاً. لأنه يحول لحظات من المفترض أن تكون لحظات فرح إلى حزن شديد، دون وجود أسباب. ومع زيادة حزنك تفقدين الأمل في كل شيء، وتبدأ تنتابك نوبات من البكاء، كما تتوتر علاقتك بزوجك وعائلتك. وتشعرين وكأن الجميع يرفضك ويكرهك. وتنتقل تلك المشاعر إلى إحساس مستمر بالإجهاد العام وعدم قدرتك على القيام بواجباتك المنزلية، وينتهي ذلك بمرحلة الإهمال في حياتك، وتتوقفين عن العناية بشكلك ومظهرك.

 طفلك يدفع الثمن

بالطبع كل هذه الأعراض السابقة تحوّل حياة أي امرأة لجحيم. لكن المشكلة الأكبر تبدأ حين تنتقل هذه الحالة إلى طفلك. فيكون من الصعب عليك الاعتناء بطفل وليد ليس لديه حيلة أو أم سواك، ويحتاج إلى أقصى درجات العناية.

 الخروج من الحياة

من مظاهر اكتئاب ما بعد الولادة الميل للخروج من الحياة العامة، والدخول في شرنقة الوحدة. حيث تشعرين بعدم القدرة على التركيز. وتفقدين متعة العمل والقراءة وحتى مشاهدة التليفزيون أو الخروج مع الأصدقاء. ويحدث تشوّش في الأفكار وتقضين وقتا طويلا وأنتِ شاردة الذهن.

 لحظة هجوم الألم

كل هذه المشاعر السلبية تنعكس عليكِ جسديا، فعندما تضعف الإرادة يتسلّل الألم، فتشعرين بآلام حادة في كل أجزاء جسدك، ولا تجدين تفسير علمي لهذه الآلام. وأبرزها آلام في الصدر والظهر، ويزداد خوفك وإحساسك بأن هناك شيئاً ما في قلبك.

 توتّر علاقتك بزوجك

رغم أنك أنتِ وطفلك تدفعان الثمن الأكبر من عواقب اكتئاب ما بعد الولادة. إلا أن زوجك أيضاً يشاركك الثمن، فقد تشعرين بعدم الرغبة في ممارسة العلاقة الحميمة. وقد يضيق صدرك من جانب زوجك وتثورين لأتفه الأشياء,

علاج اكتئاب ما بعد الولادة

هناك عدة طرق لعلاج اكتئاب ما بعد الولادة، لكن كل طريقة تعتمد على حدة المرض، وطول مدته، ومدى الاستجابة للعلاج.

علاج الاكتئاب الخفيف

يأتي الاكتئاب الخفيف بعد الولادة مباشرة ويدوم فترة قصيرة لمدة من يومين إلى أسبوع، وفي تلك الحالة تحتاج الأم إلى وجود زوجها بجانبها لتشعر بالحنان والآمان. وتحتاج أيضاً إلى أصدقائها وأقاربها للحصول على مشاعر الدفء والاطمئنان.

علاج الاكتئاب الشديد

في هذه الحالة يمكن إعطاء الأم بعض أدوية الاكتئاب الخفيفة لاجتياز تلك المرحلة رغم أن البعض لا يفضلها ويمكن بالفعل الاستغناء عنها. لكن إذا استمرّت هذه الحالة واشتدت حدتها، فيجب حينها أن تحصل الأم على جلسات تنظيم المخ، وبعض الحالات الشديدة للأسف تحتاج إلى دخول المستشفى وضرورة فصلها عن طفلها.

وننصح بعدم تناول حبوب تنظيم الحمل أثناء هذه الفترة. لأنها تزيد من الشعور بالاكتئاب. كما يفضّل أيضا عدم التخطيط للحمل خلال هذه الفترة، لأن وجود طفل آخر سيزيد من حدة الحالة، ويفضل أن نبحث عن وسيلة أخرى لتنظيم الحمل غير الحبوب.

نصائح للتعامل مع اكتئاب ما بعد الولادة

1- اطمئنّي تماماً، فما يحدث لك حالة طبيعية ومعروفة في علم النفس وستختفي مع الوقت.

2 – يجب عليك الحصول على أطول فترة ممكنة من الراحة لاجتياز هذه الأزمة.

3 – ابتعدي تماماً عن الرجيم، لأنه يزيد من حالات الاكتئاب.

4 – تناولي الكثير من الخضروات والفواكه وابتعدي عن النشويّات والدهون.

5 – تذكّري أن الفيتامينات عامل هام جدا لاجتياز الأزمة.

6 – لا تبتعدي عن أصدقائك وأقاربك لأن وجودهم في حياتك سيمنحك دفئاً مطلوباً.

7 – لا تضغطي على نفسك للقيام بأي شيء فوق طاقتك. فقط ركّزي على الأمور البسيطة التي لا يحتاج إنجازها إلى مجهود كبير.

8 – حاولي عدم التوقف عن ممارسة الرياضة، ويفضّل ممارسة الرياضة الخفيفة.

كيفية مساعدة أحبائكم المصابين باكتئاب ما بعد الولادة

إليكم بعض الإجراءات العملية التي يمكنكم تجربتها:

  • طمئنة الأم الجديدة والتأكيد على أنها ستكون بأحسن حال.
  • الاستماع إليها جيدا وتفهّم مشاعرها، مع إدراك أنها لا تستطيع أن تسيطر على أي مشاعر سلبية قد تشعر بها.
  • اعرضي عليها القيام برعاية الطفل لبعض الوقت من أجل إعطائها فرصة القيام بأشياء قد تريحها مثل الذهاب في نزهة أو الحصول على جلسة تدليك، دون شعورها بالذنب أو التقصير.
  • توجيه أحد أفراد الأسرة أو جليسة أطفال بالعناية بالطفل لبضع ساعات يمكنها النوم خلالها.
  • مساعدتها في القيام بالأعباء الأساسية، مثل الأعمال المنزلية، أو المهام اليومية.

للمزيد:

الخوف من الحمل والولادة: الأعراض وسبل العلاج

العصبية أثناء الحمل وتأثيرها على جنينك قبل الولادة وبعدها

المصدر:

https://www.webmd.com/depression/guide/postpartum-depression

اظهر المزيد

اكتب تعليق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى